Jumat, 26 November 2010

أصوات اللغة العربية

 إعداد وترتيب
أخيار الصديق محسن
مدرس اللغة العربية بمعهد الإمارات باندونج
وطالب في مرحلة الماجستير قسم اللغة العربية وآدبها 
جامعة سونان غونونج جاتي الإسلامية الحكومية باندونج-.

مقدمة

الحمد لله الذي اختار اللسان العربي؛ لحمل الرسالة الخاتمة ، ونَصَّ في القرآن الكريم على عربية الكتاب في آيات عديدة ، منها : ) وَهَذَا لِسَانٌ عَرَبِيٌّ مُبِينٌ (, وقوله : ) إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ قُرْآناً عَرَبِيّاً لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (, أنزله بلسان العرب المبين، ونظمه من الحروف التي اتّسعت للغات العرب، ورتّب لـها مخارج، لا يخرج حرف من مخرج غير مخرجه إلا بتغيّر لفظه، وجعل لكلّ حرف منها صفات تميّزه عن غيره، وأمر بإعطاء كلّ حرف حقّه من صفته، وإخراجه من مخرجه ؛ ليكون عونا لطالب العربية في إجادة نطقه لأصواتـها، وعونا لأهل تلاوة القرآن على تجويد ألفاظه ، وإحكام النطق به، باقيا ذلك على مرور الأزمان ، وتعاقب الأعصار، وحافظا لأصوات اللغة العربية من التغيّر والاندثار، فتحقّق وعد الله بحفظ كتابه ( إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ)، فحفظ الكتاب بلغته وبعد :

فهذا البحث" أصوات اللغة العربية" من مفردات المنهج في مادة علم اللغة قد انتهينا من إعداده بإيجاز، وبيناه على طريقة تجمع بين طريقة علماء العربية والتجويد. وهذه الطريقة تمكّن القراء إن شاء الله من فهم النظام الصوتي للغة العربية بطريقة نستفيد معها من خبرتنا الماضية في دراساتنا للأصوات. والله ولي التوفيق إلى أقوم الطريق..

أصوات اللغة, حياتها وتطورها :

إن ظواهر اللغة ترجع إلى قسمين رئيسيين : الظواهر المتعلقة بالصوت, والظواهر المتعلقة بالدلالة (المعنى)، وكلتا الناحيتين في تطور مطرد وتغير مستمر. وهي في تطور تتأثر بعوامل شتى وتخضع لطائفة كبيرة من القوانين. وسنتطرق في هذا البحث إلى ما يتعلق بالصوت وتطوره عند العرب. وللتطور الصوتي خواص كثيرة نذكر أهمها ما يلي :

أولا : إن هذا التطور يسير ببطء وتدرج. فاختلاف أصوات اللغة في جيل عما كانت عليه في الجيل السابق له مباشرة لا يكاد يتضح إلا للراسخين في ملاحظة هذه الشؤون. ولكنه يظهر في صورة جلية إذا وازنا بين حالتيهما في جيلين تفصلهما مئات السنين، فلغتنا لا تكاد تختلف في أصواتها عن لغة آبائنا المباشرين، ولكنها تختلف اختلافا بينا في هذه الناحية عما كانت عليه في ألسنة أجدادنا في العصور الوسطى أو في صدر العصور الحديثة.

ثانيا : إنه يحدث من تلقاء نفسه بطريق آلي لا دخل فيه للإرادة الإنسانية، فتحول صوت الثاء العربية مثلا إلى تاء (ثلاثة، تلاتة)، والذال إلى دال (ذراع، دراع)، والظاء إلى الضاد (الظل، الضل)، والقاف إلى همزة (قلت، ألت). وانقراض الأصوات التي كانت تلحق أواخر الكلمات للدلالة على إعرابها ووظائفها في الجمل (كنتُ أحسبُ أنّ كتابَ محمدٍ أحسنُ من كتاب عليٍ، كنتْ أحسبْ أن كتابْ محمدْ أحسنْ من كتابْ عليْ)،كل ذلك وما إليه قد حدث من تلقاء نفسه بطريق آلي لا دخل فيه للتواضع أو إرادة المتكلمين.

ثالثا : إنه جبري الظواهر؛ لأنه يخضع في سيره لقوانين صارمة، لا اختيار للإنسان فيها، ولا يد لأحد على وقفها أو تعويقها أو تغيير ما تؤدي إليه. ونجد مثلا حالة اللغة العربية في صدر الإسلام وما آلت إليه الآن، فعلى الرغم من الجهود الجبارة التي بذلت في سبيل صيانتها ومحاربة ما يطرأ عليها من تحريف، ومع أن هذه الجهود تعتمد على دعامة من الدين، فإن ذلك كله لم يحل دون تطور أصواتها إلى الصورة التي تتفق مع نواميس التطور اللغوي، وأصبحت على الحالة التي غليها الآن في اللغات العامية.

رابعا : إنه في غالب أحواله مقيد بالزمان والمكان، فمعظم ظواهر التطور الصوتي يقتصر أثرها على بيئة معينة وعصر خاص، ولا نكاد نعثر على تطور صوتي لحق جميع اللغات الإنسانية في صورة واحدة. فتحول صوت القاف مثلا إلى همزة (قلت، ألت) لم يظهر إلا في بعض المناطق الناطقة بالعربية، ومنذ عهد غير بعيد. وتحول صوت a الواقع في نهاية بعض الكلمات اللاتينية إلى صوت e, لم يظهر إلا عند الفرنسيين، ولم يبد أثره لديهم إلا في أثناء المدة المحصورة بين نهاية القرن الثامن وأوائل القرن الرابع عشر.

التطور الطبيعي المطرد لأعضاء النطق :

ذهب العلامة روسلو Rousselot إلى أن أعضاء النطق في الإنسان في تطور طبيعي مطرد في بنيتها واستعدادها ومنهج أدائها لوظائفها. فحناجرنا وحبالنا الصوتية وألسنتنا وحلوقنا وسائر أعضاء نطقنا تختلف عما كانت عليه عند آبائنا الأولين، إن لم يكن في بنيتها الطبيعية، فعلى الأقل في استعدادها؛ بل إنها لتختلف عما كانت عليه عند آبائنا الأقربين. غير أن هذا التطور يسير ببطء وتدرج, ولذلك لا يبدو أثره بشكل واضح إلا بعد زمن طويل.

ومن المقرر أن كل تطور يحدث في أعضاء النطق أو في استعدادها يتبعه تطور في أصوات الكلمات، فتنحرف هذه الأصوات عن الصورة التي كانت عليها إلى صورة أخرى أكثر منها ملاءمة مع الحالة التي انتهت إليها أعضاء النطق. وتمسك بهذا الاتجاه عدد كبير من الباحثين منهم هرمان بول Herman Paul .

ويكاد العلماء يجمعون على أن أعضاء النطق تختلف بعض الشيئ في بنيتها واستعدادها باختلاق الشعوب وباختلاف الظروف المحيطة بكل شعب. ويكادون يجمعون كذلك على أنها في الشعب الواحد والظروف المتشابهة تتطور استعداداتها وتختلف باختلاق العصور. أما تطور بنيتها الطبيعية واختلافها باختلاف العصور في الشعب الواحد والظروف المتشاهبة فقد اختلف العلماء بصدده : فمن منكر له؛ ومن قائل به. والمذهب الأخير هو الأدنى إلى الصواب.

جهاز النطق :

الصوت اللغوي أثر سمعي يصدر طواعية واختيارا عن تلك الأعضاء المسماة تجاوزا أعضاء النطق. وأن الصوت اللغوي له عدة جوانب : منها الجانب العضوي الفسيولوجي physiological ، والأكوستيكي acoustic أوالفيزيائي physical. ويتصل الجانب الأول بأعضاء النطق وأوضاعها وحركاتها، والثاني بتلك الآثار السمعية التي تظهر في الهواء في صورة ذبذبات صوتية تصل إلى أذن السامع فتحدث فيه تأثيرا معينا.

والصوت اللغوي بهذا المعنى هو موضوع علم الأصوات، ولنعرف الأصوات اللغوية وخصائصها ومميزاتها، وكي نحصل على معرفة جيدة لعلم الأصوات ينبغي لنا أن نعرض ولو بشيئ من الإيجاز لتلك الأعضاء المسماة أعضاء النطق. ولكن ليس من وظيفتنا أن ندرس هذا الجهاظ بالتفصيل أو أن نخوض في وصف أعضائه وصفا يخرج بنا عن الهدف الأساسي من هذا البحث، ويكفينا في هذا المقام أن نلم إلماما مناسبا بهذه الأعضاء ووظائفها النطقية. وأن نشير إلى الدور يقوم به كل عضو في إصدار الأصوات اللغوية. ويجدر بنا قبل أن ندخل في بيان ذلك أن نشير إلى نقطتين مهمتين :

الأولى : ليست أعضاء النطق جميها متحركة. أي قابلة للحركة : فمعظمها ثابت لا يتحرك وقليل منها قابل للحركة وذلك كاللسان والشفتين.

الثانية : التسمية، أعضاء النطق، تسمية مجازية. فالواقع أن أعضاء النطق ليست وظيفتها الأساسية إصدار الأصوات الكلامية، بل إن لها وظائف أخرى أهم من ذلك بكثير، فاللسان مثلا وظيفته ذوق الطعام. والأسنان من وظائفها قضم الطعام وطحنه، والشم للأنف والتنفس له وللرئتين وهكذا. فإصدار الأصوات الكلامية إذن ما هو إلا وظيفة واحدة من الوظائف الكثيرة التي تقوم بها تلك الأعضاء، فتسميتها بأعضاء النطق إذن هي تسمية من باب التوسع والمجاز.

وللنطق أعضاء تكونه مبتدئة بما فوق الوترين الصوتيين مباشرة ومنتهية بالشفتين وتسمى مخارج الأصوات، ومن هذا نصل إلى أن مخارج الأصوات العربية. قال الأستاذ أبو عاصم عبد العزيز بن عبد الفتاح القارئ : إن مخارج الخروف توجد في ثلاث مناطق : الحلق, واللسان, والشفتين. ويوجد في كل منطقة من هذه الثلاث عدد من المخارج.

أ‌- الحلق، فيه ثلاثة مخارج:

- أقصى الحلق، وتخرج منه الهمزة والهاء (أَءْ، أَهـْ).

- وسط الحلق، وتخرج منه العين والحاء (أَحْ، أَعْ).

- أدنى الحلق، وتخرج منه الغين والخاء (أَغْ، أَخْ).

ب‌- اللسان، وفيه عشرة مخارج :

- أقصى اللسان قريبا من الحلق، وتخرج منه القاف (أَقْ).

- أقصى اللسان قريبا من الفم، وتخرج منه الكاف (أَكْ).

- وسط اللسان، وتخرج منه الجيم والشين والياء (أَجْ، أَشْ، أَيْ).

- ظهر اللسان مع أصول الثنايا العليا، وتخرج منه التاء والطاء والدال (أَتْ، أَطْ، أَذْ).

- ظهر اللسان مع رؤوس الثنايا العليا، وتخرج منه الثاء والظاء والذال (أَثْ، أَظْ، أَذْ).

- طرف اللسان مع أصول الثنايا العليا، وتخرج منه النون (أَنْ).

- طرف اللسان مع أصول الثنايا العليا قريبا من الظهر, وتخرج منه الراء (أَرْ).

- رأس اللسان مع أصول الثنايا العليا، وتخرج منه الزاي والصاد والسين (أَزْ، أَصْ، أَسْ).

- حافة اللسان، أي جانبه مع التصاقه بها يحاذيه من الأضراس العليا، وتخرج منه الضاد (أَضْ).

- حافة اللسان الأمامية مع التصاقها بما يحاذيها من الأسنان، وتخرج منه اللام (أَلْ).

ج- الشفتان، وفيهما مخرجان :

- ما بين الشفتين، وتخرج منه الباء والميم مع انطباقهما، والواو بدون انطباق (أَبْ، أَمْ، أَوْ).

- الشفة السفلى مع التصاقها برؤوس الثنايا العليا، وتخرج منها الفاء (أَفْ).

فإذا حسبنا مجموع هذه المخارج مع مخرج (الجوف) و (الخيشوم) تصير المخارج سبعة عشر مخرجا.  والأبجدية العربية التي شملت كل الحروف التي يمكن النطق بـها وقد حافظت – مع ذلك – على الوضوح الكامل وعدم الالتباس في مخارج الأصوات, وهي بهذا تمتاز عن جميع الأبجديات في لغات العالم قديما وحديثا.

العلاقة بين الأصوات العربية :
‌أ. العلاقة الصوتية بين الحرف و الحركة :

اعتمد الأستاذ محمد خياطة في صدد العلاقة بين الحرف و الحركة _ مقولة ابن جنّيّ بأن الحرف يأتي في المرتبة قبل الحركة، بمعنى أن الحركة لا تأتي قبل الحرف ولا معه، بل يأتي هو أولاً، وتأتي الحركة بعده

والصحيح في الصوتيات الحديثة _ أنه لا اختلاف في المرتبة بين الحرف و الحركة، بمعنى أن الحركة لا تأتي قبل الحرف أو بعده، ولا سَبْق لأحدهما على الآخر، بل يأتيان كلاهما في آنٍ معاً، سواء حين خروجهما من جهاز النطق، وحين دخولهما إلى جهاز السمع ذلك أنه من المتعذر خروج الحرف من الفم وحده من دون الحركة ، كما أن من المتعذر خروج الحركة وحدها من دون الحرف، وكذلك الأمر بالنسبة لدخولهما إلى الأذن.

فهناك إذن تقارنُ تلازمٍ وتكاملٍ بين الحرف و الحركة، بمعنى أن الحروف و الحركات لا تظهر في الكلام فُرادى، بل على هيئة أزواج وأن كلاً من تلك الأزواج مؤلف من حرفٍ وعلامةٍ متقارنين، فلا يُعثر في الكلام على حرفٍ بلا علامة يتقارن معها، ولا علامةٍ بلا حرف تتقارن معه.

ومن المؤكد أن هذا هو السّر في اعتماد العّرب الكتابة المثنويّة، أي الكتاب على هيئة (مثاَنٍ ) كل مثنى مؤلف من الحرف وعلامة مرسومة فوقه أو تحته، كما في نحو وُعِدَتْ  حيث تألفت هذه الصيغة من المثاني الأربعة التالية  وُ _ عِ _ دَ _ تْ.

وقد سبق إلى هذا ( الركن المعلوماتي ) في هذه الدراسة، إذ أطلق على المثنى تسمية ( اتحاد صوتي حرفي ) Union وهذه التسمية تعّبر بشكل أوضح عما ذكر آنفاً بشأن المثاني.
‌ب. العلاقة الصوتية بين الحركة والمدة :

كذلك اعتمد الأستاذ محمد خياطة - في تحديد العلاقة بين الحركة و المدة _ مقولة ابن جنّيّ  بأن الحركة ليست إلا جزءً من المدّة ، بمعنى أن الفتحة ، مثلاً ، في المقطع (دَ ا) إنّما هي جزء من المدّة. والصحيح أن الصوائت Vowels في العربية نوعان : صائت قصير Short Vowel ، مثل الفتحة في المقطع (دا). وصائت طويل Long Vowel ، مؤلّف من صوتين اثنين هما الحركة و المدّة  مثل الفتحة الطويلة المؤلفة من الفتحة ومدّتها، في المقطع( دَ ا) ذاته .

وهذا ما دعا إلى إطلاق تسمية الصائت المكمل Complementary Vowel على المدّة، وذلك لأنها إنما تكمل الصائت القصير إلى صائت مديد. وفي ضوء ما سبق، يمكن القول إن كلاً من الحركة و المدّة إنما تؤلف أحد جزأين في الحركة الطويلة، ذلك أن الحركة الطويلة إنما تتألف من الحركة و المدّة كليهما معاً . وإلى هنا انتهى البحث. 

 
المراجع :

- علم اللغة، الدكتور علي عبد الواحد وافي، مكتبة نهضة مصر، 1382 هـ- 1962م

- قواعد التجويد على رواية حفص عن عاصم بن أبي النجود، أبو عاصم عبد العزيز بن عبد الفتاح القارئ، مكتب الدار 1392 هـ

- علم اللغة العام، الأصوات، د. كمال محمد بشير, دار المعارف، 1980م

- أصوات اللغة العربية لعبد الغفار حامد هلال.

- http://www.greatarabic.com/?p=12







































Tidak ada komentar:

Posting Komentar